منهج علمي للتغير المناخي بالسودان يقدم حلول التكيف مع المناخ وتحقيق الانتاجية

تقرير : سونا
بورتسودان 27-6-2025(سونا)-في ظل التغيرات المناخية المتسارعة التي يشهدها العالم وان السودان، ليس بمعزل عن ذلك بات القطاع الزراعي في مواجهة تحديات تواجه الإنتاجية والموسم الزراعي، لاسيما في المناطق التي تعتمد على الزراعة المطرية في مختلف ولايات السودان وتشمل هذه التحديات انخفاض معدلات الأمطار، ارتفاع درجات الحرارة، بجانب اضطراب مواسم الزراعة، وانتشار الآفات، ما أدى إلى تراجع في خصوبة التربة وتأثر الإنتاج.
ويجمع خبراء الأرصاد الجوية، والمزارعون، على ضرورة التعامل مع هذه الأزمة بمنهج علمي، يقوم على التخطيط الاستباقي، وتفعيل الإنذار المبكر، وتطوير إدارة الموارد المائية، إضافة إلى اعتماد محاصيل مقاومة للجفاف، وتعزيز التدريب الزراعي. كما يؤكدون على أهمية السياسات الزراعية المرنة والتنسيق المستمر بين الجهات المختصة، لتقليل آثار التغيرات المناخية وتعزيز قدرة القطاع على الصمود وتحقيق إنتاجية مستدامة.
ملتقى سنجة المناخي يدعو إلى خطط علمية لإنجاح الموسم الزراعي:
وحول الجهود المبذولة لمواجة الظاهره يقول وزير الإنتاج والموارد الاقتصادية بولاية سنار، المهندس الزراعي الهادي الصادق، إن ملتقى سنجة المناخى يأتي ضمن اهتمامات الوزارة لمعالجة تدني الإنتاجية الناتج عن تغير في مؤشرات المناخ، مؤكدًا أن الدولة بحاجة ماسة للتدخل في هذا القطاع الحيوي، جاء ذلك خلال مشاركته في الملتقى المناخي الأول الذي نظمته الوزارة بالتعاون مع الهيئة العامة للأرصاد الجوية السودانية مؤخرا بقاعة المجلس التشريعي في سنجة، تحت شعار “موسم الكرامة الزراعي المبني على أسس علمية”.
الأرصاد: تغيرات مناخية متطرفة تؤثر على الزراعة :
من جهته يؤكد د. أبوالقاسم إبراهيم إدريس موسى، رئيس وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، أن السودان يشهد تأثيرات واضحة ومتصاعدة للتغيرات المناخية، انعكست على أنماط الطقس وظواهر جوية غير معتادة، مما يتطلب استعدادًا مبكرًا وتخطيطًا علميًا للتعامل مع السيناريوهات المناخية المتوقعة، لا سيما في القطاع الزراعي.
وأوضح إدريس في تصريحات لـ(سونا)، أن موسم الأمطار الماضي شهد تسجيل محطة أبو حمد لهطول 141 ملم من الأمطار في ليلة واحدة، إلى جانب تساقط الأمطار في مناطق صحراوية لم تعتد مثل هذه الظواهر، مشيرًا إلى أن هذه التغيرات المناخية باتت تفرض ملامح جديدة على مناخ السودان.
وأضاف أن دراسة ميدانية أُجريت أكدت أن هذه الظواهر ناتجة عن دورات مناخية متطرفة بفعل التغير المناخي، وقد تتكرر كل ثلاث سنوات على الأقل، مبينًا أن تأثير هذه التغيرات لا يقتصر على الفيضانات والعواصف، بل يمتد ليؤثر على مواعيد الزراعة ونمو المحاصيل.
وفي ما يتعلق بزراعة القمح، أشار إلى أن السودان يُعد حالة فريدة لزراعة القمح في مناخ حار، وقد أجريت دراسة ضمن مشروع “سادريبس” بالتعاون مع جامعة يابانية لاختبار مقاومة سلالات القمح للحرارة. وكشفت النتائج عن وجود سلالات محلية ذات استجابة منخفضة للحرارة، ما يمهّد لتطوير تقاوي مقاومة للحرارة مستقبلاً.
وتعد تلك الدراسات وتطبيقها ، فى التصدى للتغير المناخي، ضمن الجهود المبذولة في تطبيق حلول التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره مما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي وزيادة الإنتاج الزراعي بشكل مستدام في عالم يواجه ظروفًا مناخية متطرفة ومتغيرة.
توعية مناخية :
وفي جانب الجهود المؤسسية، يقول إدريس إن الهيئة، رغم ظروف الحرب، استطاعت بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين تطوير موقع إلكتروني حديث بالتنسيق مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)، وإطلاق تقارير مناخية يومية تُنشر عبر وسائل الإعلام. وأشار إلى أن الهيئة أدخلت نظام “CAP” (بروتوكول التنبيه الموحد)، لأول مرة في السودان، لتقديم إنذارات مبكرة دقيقة وفعالة، وهو ما نال إشادة رسمية من المنظمة العالمية للأرصاد.
وكشف عن استمرار العمل لتبسيط النشرات الجوية لتناسب احتياجات المجتمعات المحلية، من خلال محتوى سهل ومبسط يُنشر على منصات التواصل الاجتماعي، بالتعاون مع شركاء إعلاميين متخصصين في التوعية المناخية.
واختتم إدريس تصريحاته بالإشارة إلى أن الهيئة نشرت التوقعات الموسمية لخريف 2025 يوم 26 مايو خلال ورشة عمل كبرى نُظمت في مدينة بورتسودان، شاركت فيها جميع القطاعات الحكومية والإعلامية، حيث ناقشت الجهات المعنية السيناريوهات المحتملة ووضعت خططًا استباقية للتعامل معها، خاصة في مجالات الزراعة وإدارة الكوارث.
مزارع من النيل الأزرق: تغير نمط الأمطار زاد إنتاج الذرة والقطن وأضعف السمسم:
وفي ذات السياق كشف د. هاشم محمد أحمد عقيل، وهو مزارع من قرية أبو هشيمة شمال مدينة الدمازين بإقليم النيل الأزرق، عن تغيّر واضح في مواعيد هطول الأمطار خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن الموسم المطري كان يبدأ عادة في أوائل يونيو، لكنه بات يبدأ في يوليو، مع تسجيل كميات أمطار تفوق المعدل السنوي المعتاد.
وأوضح عقيل أن هذا التغير المناخي أدى إلى زيادة إنتاج بعض المحاصيل المطرية، على رأسها الذرة والقطن، في حين تراجع محصول السمسم نتيجة للظروف المناخية الجديدة.
ولم يُخفِ عقيل وجود تحديات واجهت المزارعين هذا الموسم، لافتًا إلى أن تأخر هطول الأمطار مما اثر فى استعدادات بعض المزارعين، ما حال دون تمكّنهم من الزراعة في الوقت المناسب. وأضاف: “عندما بدأت الأمطار، جاءت بغزارة واستمرت بشكل متواصل، ما تسبب في نمو كثيف للحشائش، الأمر الذي أعاق عمليات الزراعة والمتابعة”.
وأشار إلى أن الأمطار الغزيرة تسببت كذلك في سيول اجتاحت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، خصوصًا في المناطق المنخفضة، مما أدى إلى فقدان كامل للمحاصيل في تلك المناطق.
مؤشرات: السودان لن يجوع :
وفي مقابلة تلك التحديات فقد وضعت الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة والغابات والجهات المعنية حزمة تدابير لتلافي اي قصور او خلل يتوقع حدوثه نتيجة التغيرات المناخية وذلك بهدف واضح ورؤية ثاقبة اشتركت معها فيها منظمة الاغذية والزراعة العامية الفاو حيث وضعت دراسات وحصلت على تنبؤات بشأن مؤشرات الوضع الغذائي في السودان حيث اثبتت التقرير حجم وكميات انتاج الغذاء مما خلص الى ان المشروعات السودان لن يجوع رغم الحرب.
وتوضح الاجراءات والتحوطات اللازمة التي اتبعتها وزارة الزراعة والغابات مدى اتباع السودان المنهجية العلمية لتلافي اية اثار سالبة على الزراعة يمكن ان تتسبب فيها التغييرات المناخية.
التي بدات جهات استغلالها لمحاربة السودان.
يذكر ان وزير الزراعة والغابات السابق د.أبو بكر البشرى، اكد فى افادات اعلامية مؤخرا استقرار الإمداد الغذائي بالبلاد، مشيرا الى تبني الدولة استراتيجية للزراعة جديدة تقوم على رفع الإنتاجية باستخدام التقاوى المحسنة والتقانات الحديثة لزيادة معدلات الإنتاج.
وتشير خطط الوزارة الى الجهود الحكومية المتكاملة فى الاستعداد المبكر ، ووضع الحلول الاستباقية لظاهرة التغير المناخي ، والعمل على تعزيز نظم الري الحديثة لمواجهة أي طارئ، بما في ذلك ظاهرة التغير المناخي التي باتت واقعاً يستوجب التعامل معه بتخطيط واستعداد دائم .
ويبين د.أبو بكر البشرى في تصريحات سابقة ، إن تقديرات حجم الإنتاج من الحبوب في عام 2024- 2025م بلغت 6.6 مليون طن، وفقا للتقرير الصادر من تقدير الإنتاج وتقييم الإمدادات الغذائية، مشيرا إلى أن هذه النسبة تعد أعلى من العام السابق الذي بلغت نسبه الإنتاج فيه 62%، مؤكدا أن السودان لن يجوع، ممتدحا جهود المزارعين ووزارة الزراعة وشركاء الانتاج من المنظمات على جهودهم فى زيادة الإنتاج والانتاجية.